دليل ريادة الاعمال

دليل ريادة الاعمال

مفاهيم أساسية عن التسويق

التسويق هو مجموعة الأنشطة التي تهم العمل بأكمله وتتطلب دراسات مفصلة للغاية. من أجل تطوير نهج صحيح في تخطيط وإدارة هذه الأنشطة ويلائم مفهوم التسويق بشكل أفضل في الأذهان, سيتم تقديم شروحات موجزة حول بعض المفاهيم الأساسية أدناه.

  • الحاجة والطلب

كما هو مذكور في الفصل 3, تشكل الاحتياجات والرغبات القضية الأساسية للمؤسسة والتسويق. كما يتضح من تعريفه, فإن المهمة الرئيسية للتسويق هي تحديد وتلبية احتياجات ومتطلبات الناس, ولذلك فإن معرفة معاني هذه المفاهيم والاختلافات بينها أمر مهم لرائد الأعمال, لأنه في الحياة اليومية غالبًا ما يستخدم مفهوم الحاجة من أجل تحديد المنتجات التي يجب استهلاكها مثل الخبز والماء والملابس, ويستخدم مفهوم الرغبة من أجل وصف المنتجات التي يمكن اعتبارها رفاهية وخلاف هذه. ومع ذلك فإن هذا الفهم خاطئ للغاية ويمكن أن يقود صاحب المشروع إلى الأماكن الخطأ, ولذا يجب فهم هذين المفهومين بشكل صحيح.

باختصار يمكن تعريف الحاجة على أنها دوافع غير ملباة (Engel, Blackwell, & Miniard, 1998). يمكن جمع الاحتياجات البشرية تحت عناوين معينة مثل الطعام, الهواء, الماء, الملابس, التعليم, الإقامة والترفيه. ويمكن تصنيف بعض هذه الاحتياجات على أنها ضرورية لحياة الإنسان مثل الطعام والهواء والماء, وبعضها ضروري لحياة جيدة, وإن لم تكن ضرورة مثل التعليم والترفيه. ولذلك وكما هو مفصل في الفصل 3, طرح أبراهام ماسلو التصنيف الأكثر شهرة حول هذا الموضوع. تذكر أن الاحتياجات مقسمة إلى خمس مجموعات وفقًا لتسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات (الشكل 3.5). في الجزء السفلي هناك احتياجات مثل الطعام والماء والهواء الضرورية للعيش, وتتبع هذه الاحتياجات الأمن, الانتماء, المحبة, الاحترام وتحقيق الذات. النقطة المهمة هي أن هذه الاحتياجات تتطور بترتيب هرمي. بمعنى آخر عندما يكون الشخص جائعًا لن تكون الحاجة إلى الأمان أو احترام مجموعة الأصدقاء مهمة, فهو يريد فقط تلبية احتياجاته.

كما يمكن فهمه من هذه التصنيفات, فإن احتياجاتنا محدودة بما يكفي ليتم جمعها في مجموعات معينة. ومع ذلك فإن الطلبات, التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالاحتياجات, يمكن أن تكون غير محدودة على عكس الاحتياجات. يمكن تعريف الرغبات على أنها الشكل الذي تتخذه احتياجات الإنسان من خلال الاندماج مع الثقافة والشخصية والخصائص البيئية. على سبيل المثال العطش هو أبسط احتياجات الإنسان, ويمكن تلبية هذه الحاجة بشرب الماء, وكذلك أيضا عن طريق شرب الصودا أو الكولا أو العيران. تتشكل هذه الحالة حسب ثقافة البلد الذي يعيش فيه الفرد أو الظروف البيئية أو التفضيلات الفردية. فمثلا بينما يفضل شخص يعيش في ألمانيا شرب الصودا عندما يكون عطشانًا ، يفضل شعب الأناضول تقليديًا شرب العيران, ولذلك يمكن تعريف الرغبات على أنها أشياء تلبي الاحتياجات.

أوجه التشابه والاختلاف بين هذين المفهومين مهمة جدًا بالنسبة لرائد الأعمال, لأنه مع تطور المجتمعات حتى لو كانت مجموعات احتياجات الناس لم تختلف كثيرًا, الا ان أهميتها تتغير وكذلك رغباتهم تتغير. على سبيل المثال هناك اختلافات كبيرة بين الطريقة التي تمت بها تلبية احتياجاتنا الاجتماعية منذ 50 عامًا واليوم. بينما كان هناك هاتف في منزل في الحي في ذلك الوقت, اليوم كل شخص بالغ لديه هاتف ذكي في جيبه ويمكننا تلبية العديد من طلباتنا واحتياجاتنا به. بينما كان الاتصال وجهاً لوجه أكثر شيوعًا منذ 50 عامًا, أصبح التفاعل الرقمي واسع الانتشار اليوم. لهذا السبب تمت إزالة العديد من شركات الاتصالات التي كانت ناجحة في الماضي من السوق بسبب عدم قدرتها على إدارة الطلبات والاحتياجات بشكل جيد.

بالإضافة إلى ذلك يجب على رائد الأعمال أن يفهم جيدًا أي من مجموعات المستهلكين يمكنه تلبية متطلباتها واحتياجاتها ونوعية هذه المتطلبات والاحتياجات, لأن المنتجات تصمم ليس لتلبية طلب واحد أو حاجة فردية وإنما لتلبية مجموعة من الطلبات / الاحتياجات. على سبيل المثال بالنسبة للمستهلك الذي يبحث عن "سيارة جيدة" أو "فندق جيد", يجب على رائد الأعمال أن يفهم جيدًا ما يريده المستهلك حقًا وأن يبحث ما إذا كان هذا يخلق فرصة سوق / ابتكار. ولذلك يجب دراسة الاحتياجات في خمس مجموعات. (Kotler and Keller, 2012).

  1. الاحتياجات الظاهرة (المستهلك يريد سيارة رخيصة)
  2. الاحتياجات الحقيقية (يفضل المستهلك السيارات ذات تكاليف الصيانة والوقود المنخفضة, وليس السيارات الرخيصة)
  3. الاحتياجات غير المرئية (يتوقع المستهلك خدمة جيدة عندما يذهب إلى وكالة بيع السيارات)
  4. احتياجات مرضية (يكون المستهلك راضي وسعيد عن تاجر السيارة الذي يضيف نظام ملاحة مجاني للسيارة)
  5. الاحتياجات الخفية (يريد المستهلك أن تعتبره بيئته المباشرة مستهلكًا ذكيًا)

سيؤدي تركيز صاحب المشروع فقط على الاحتياجات الظاهرة إلى ضياع العديد من فرص السوق واختفاء الشركات من السوق بمرور الوقت. على سبيل المثال عندما ظهر موقع yemeksepetim.com لأول مرة في السوق, لم يكن غالبية المستهلكين يدركون حتى أنهم بحاجة إلى مثل هذه الخدمة. ومع ذلك فإن رائد الأعمال الذي رأى فرصة السوق حقق نجاحًا كبيرًا فيه من خلال تقديم مثل هذه الخدمة. يجب على صاحب المشروع ألا يخلط بين الاحتياجات والرغبات وأن يديرها جيدًا حتى لا يختبر قصر النظر التسويقي. 1

  • المستهلك والعميل والطلب

يجب أن يكون المستهلك هو محور جميع الأنشطة التسويقية. من حيث الانضباط التسويقي, يتم تعريف المستهلك على أنه الشخص أو الوحدة التنظيمية التي تستخدم أو تستهلك منتج ما. وبالتالي يشمل تعبير المستهلك كلاً من الأفراد والكيانات القانونية مثل الشركات. يشير العميل إلى الشخص أو الوحدة التنظيمية التي تتخذ بالفعل قرار الشراء. على سبيل المثال يصبح الشخص الذي يستخدم الهاتف المحمول مستهلكًا, بينما يصبح الشخص الذي يستخدم هاتفًا محمولًا يحمل علامة Apple التجارية عميلًا لهذه العلامة التجارية. يتم تعريف الطلب على أنه طلب المستهلك المدعوم بقوته الشرائية. بما أنه لا يوجد حد لرغبات الناس, فمن المستحيل أن تتحول كل رغبة إلى طلب. سيحول المستهلكون مطلبهم إلى طلب عن طريق اختيار المنتج / الخدمة التي يعتقدون أنها ستوفر لهم أفضل فائدة. لذلك يجب على رائد الأعمال أن يفهم ليس فقط الرغبة ويديرها ولكن أيضًا الطلب الذي تدعمه القوة الشرائية.

مفاهيم المستهلك والعميل والطلب؛ على الرغم من أنها قريبة من بعضها البعض, إلا أن هذه المفاهيم لا تحدد من يجب توجيه الأنشطة التسويقية إليه لأنه في بعض المنتجات قد يختلف المستخدم وصانع القرار والمشتري. على سبيل المثال قد يكون الطفل الذي يستخدم منتج الحفاضات, تكون الأم هي التي تقرر العلامة التجارية التي يجب شراؤها والأب هو الذي يقوم بالشراء. ولهذا السبب وفي مثل هذه الحالات يجب على صاحب المشروع التفكير مليًا في كيفية تكوين الطلب ومع من يجب أن يبدأ التواصل التسويقي لإقناعه.

  • المنتج والقيمة ودرجة الرضا

عندما يتعلق الأمر بالمنتجات, تتبادر إلى الذهن أشياء مادية مثل الخبز والهاتف وقلم الرصاص, ولكن مفهوم المنتج أوسع في مجال التسويق. ولذلك يشير المنتج إلى أي شيء يتم طرحه في السوق للتبادل. بصرف النظر عن الأشياء المادية, أي السلع والخدمات, أيضاً التجارب والأشخاص والأماكن والمؤسسات والأفكار يمكن ادراجها أيضًا في هذا المفهوم. فمثلاً يتعين على الفنان القيام بأنشطة تسويقية من أجل المشاركة في حفلات موسيقية أفضل, وكذلك المناطق من أجل جذب السياح الأفضل ومصففي الشعر من أجل خدمة المزيد من العملاء. لذلك ومن حيث مفهوم التسويق, يمكن أن يكون المنتج أي شيء يلبي متطلبات واحتياجات المستهلكين وله قيمة تجارية. لهذا السبب عندما يتعلق الأمر بالمنتج لا يجب أن يتبادر إلى الذهن فقط البضائع وانما جميع العناصر المذكورة أعلاه.

يعبر مفهوم القيمة الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمنتج عن الفائدة التي يتم الحصول عليها من المنتج. قيمة المنتج للمستهلك هي الفرق بين المال (التكلفة) المدفوعة للحصول على المنتج والفائدة المتوقعة من استهلاكه ((Karafakioğlu, 2006). عندما يزداد هذا الاختلاف ستزداد قيمة المنتج, لذلك يجب على رائد الأعمال التفكير في كيفية إنشاء أعلى قيمة أثناء تصميم عروض القيمة المجسدة في منتجه. تتكون القيمة المراد إنشاؤها للعميل من مزيج من الجودة والخدمة والسعر, وهذا ما يسمى ثالوث قيمة العميل. (Kotler and Keller, 2012). سيزداد إدراك القيمة عندما تزداد جودة المنتج والخدمات المقدمة معه, لكن هذا التصور سينخفض عندما يرتفع السعر. سيحتاج رائد الأعمال أيضًا إلى إنشاء عروض قيمة عالية (الجودة والخدمة والسعر) أثناء تصميم المنتج.

إن الجهد الذي يبذله رائد الأعمال لزيادة عروض القيمة المقدمة لعملائه يهدف بلا شك إلى اكتساب مكانة إيجابية في أذهان عملائه. يرتبط مقياس تحقيق هذه المكانة الإيجابية ارتباطًا وثيقًا بمفهوم رضا العملاء, ولذلك من الممكن تحديد مفهوم رضا العملاء على أنه الدرجة التي يلبي بها المنتج توقعات العملاء. عندما يكون أداء المنتج أقل من التوقعات, لن يكون العميل راضيًا وعندما يتم تلبية التوقعات سيكون راضي.

تماشياً مع هذه المفاهيم الموضحة أعلاه بإيجاز, ينصب تركيز التسويق على إنشاء عروض قيمة ذات مغزى من خلال مراعاة الرغبات والاحتياجات التي يدركها المستهلك أم لا, وإرضاء العميل من خلال عروض القيمة هذه. يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن جوهر الأنشطة التسويقية هو "تقديم وعود" والوفاء بها, وأن هذه الوعود التي يجب الوفاء بها هي مجموعة من الأنشطة التي يجب القيام بها في هذا الاتجاه من أجل تحقيق نجاج طويل المدى.