دليل ريادة الاعمال
عملية ريادة الأعمال
تشير عملية ريادة الأعمال بشكل أساسي إلى عملية خلق القيمة والمراحل التي يجب أن يمر بها الشخص في مغامرته الريادية. على الرغم من وجود بعض الاختلافات في التفاصيل حسب نوع ريادة الأعمال ونوع الشركة التي سيتم إنشاؤها, إلا أنه بشكل عام كل شركة تمر بمراحل معينة على النحو التالي:
- تحديد الفرص
- وضع نموذج وخطة العمل
- البحث عن الموارد
- النمو والخروج
- تحديد الفرص
يجب أن تستند القيمة في ريادة الأعمال دائمًا إلى نقطتين: الفرص والمشاكل. بالنسبة لرجل الأعمال الناجح, فإن المشاكل التي يعاني منها الناس وكذلك الرغبات والاحتياجات التي لم يتم تلبيتها أو التي يتم تلبيتها بشكل غير كاف تحتوي على فرص مهمة له. على سبيل المثال, حققت شركة "yemeksepeti.com" نجاحًا كبيرًا في السوق من خلال تقديم خدمة طلب الطعام التي لم تكن متوفرة في تركيا. كشفت هذه الفرصة عن خدمة رأى رائد الأعمال أنها غير موجودة في السوق وقد أكسبته الكثير من المال والشهرة. ومع ذلك المشكلات أيضًا التي يواجهها الأشخاص يمكن تحويلها إلى فرص. إذا تم دراسة مثال Yemeksepeti بشكل مقلوب, فقد قدمت الشركة حلولاً مؤهلة للأشخاص الذين يواجهون مشكلة في طلب الطعام (اختيارات محدود, خدمة سيئة, إلخ). لذلك فإن الفرصة أو المشكلة في ريادة الأعمال تشير في الواقع لذات الشيء. سيجد رائد الأعمال إما حلًا لمشكلة ما أو ينتهز الفرصة ويخلق قيمة للجمهور المستهدف, ولهذا يجب أن يكون لرجل الأعمال جانب يبحث باستمرار عن الفرص ويقيمها فيما يتعلق بالعمل الذي يقوم/تقوم به أو ينوي/تنوي القيام به. يتطلب تطوير هذا الجانب في الواقع من رجل الأعمال أن يعرف أين يبحث وما الذي يجب تقييمه.
يجب على رواد الأعمال الباحثين عن فرص جديدة البحث عن مصادر للأفكار التي يمكنهم استخدامها كفرص ومراجعتها باستمرار بدلاً من تقليد منافسيهم. من ضمن هذه المصادر:
- التغيرات في العوامل الاقتصادية
- التغيرات التكنولوجية
- التغيرات في الاتجاهات الديموغرافية
- التغييرات في الأوضاع القانونية
على سبيل المثال, تخلق الزيادة في مستوى الدخل المتاح في الاقتصاد فرصة سوقية للعديد من المنتجات أو الخدمات التي لم تكن مطلوبة من قبل. في الوقت الحاضر ومع زيادة مستويات الدخل, كانت هناك زيادة كبيرة في عادات الناس الغذائية, ملكية الهواتف المحمولة والسفريات الجوية المتكررة. لذلك يجب مراجعة التغييرات في العوامل الاقتصادية باستمرار.
وبالمثل تؤثر التكنولوجيا على العمليات التي يتم فيها تقديم المنتجات وتحدد مستوى المنافسة في السوق, فمثلاً مع انتشار تقنيات CNC في الصناعات التحويلية, أصبح من الممكن تقديم منتجات بكميات أقل وبأسعار أقل. مع هذا التغيير التكنولوجي وبالتوازي مع تطور تقنيات الإنترنت, أصبحت الشركات أكثر تخصيصًا وتغيرت طبيعة المنافسة. بينما تظهر فرص مهمة للشركات التي تتابع هذه التطورات, يمكن أن تكون هذه الفرص سببًا لإفلاس آخرين.
ومن ناحية أخرى فإن التغيرات في التركيبة السكانية تأتي بأفكار وفرص عمل مهمة. على سبيل المثال تؤدي الشيخوخة التدريجية للسكان إلى زياد في طلب خدمات رعاية المسنين أو خدمات المنشآت الترفيهية. وبالمثل, أدى ارتفاع مستوى تعليم المرأة ومشاركتها في القوى العاملة إلى شراء خدمات مثل التنظيف والطهي ورعاية الأطفال في المنزل.
أخيرًا تخلق التغييرات القانونية فرصًا. فمثلا؛ تم إجراء تغييرات قانونية كبيرة مؤخرًا في قضايا البيئة والصحة والسلامة. من ناحية, تتطلب هذه التغييرات القانونية منتجات وخدمات لم يتم تقديمها في الماضي, ومن ناحية أخرى يمكنها إجبار المنتجات الحالية على الخروج من السوق.
بالطبع لا ينبغي أن يقتصر تحديد الفرص على تحليل العوامل المحيطة الكلية, وإنما سيكون من المفيد لرواد الأعمال والمرشحين الرياديين دراسة فرص المنتج أو الخدمة من خلال إجراء تحليلات جزئية. حتى هذه الأبحاث والتحليلات الدقيقة يمكن أن تكون أكثر فاعلية عند إجرائها جنبًا إلى جنب مع التحليلات الكلية المذكورة أعلاه. فيما يتعلق بدراسة المنتجات أو الخدمات الحالية, سيكون من المفيد لرواد الأعمال تقييم المسائل التالية:
- تغييرات الأسعار أو نموذج الإيرادات للمنتج والخدمة
- التغييرات في قنوات توزيع المنتج أو الخدمة
- تغييرات طرق توصيل المنتج أو الخدمة
- التغييرات في محتوى المنتج أو الخدمة
- التغييرات في الجمهور المستهدف للمنتج أو الخدمة
- التغييرات في عملية الإنتاج
- وضع نموذج وخطة العمل
على الرغم من أن تحديد الفرص هو الخطوة الأولى والمهمة في ريادة الأعمال, إلا أن السمة الرئيسية التي تجعل الشخص رائد أعمال هي اتخاذ خطوات ملموسة من خلال تنفيذ الأنشطة الضرورية على أساس الفكرة التي يحددها, ولهذا السبب من الخطوات الضرورية بعد الكشف عن فكرة العمل هي انشاء نموذج العمل الذي يتم فيه شرح المكونات الأساسية لكيفية تنفيذ فكرة العمل وتطوير خطة للعمل بالتوازي مع طبيعة ونطاق العمل الذي يتعين القيام به. الغرض الرئيسي من هذه الأنشطة هو تحديد الأجزاء الأساسية للعمل الذي يتعين القيام به والكشف عن جدوى العمل على الورق.
لا يتم وضع الأفكار موضع التنفيذ بمجرد أن تتبادر إلى الذهن أو يتم الكشف عنها, وإنما يجب اتخاذ بعض القرارات بشأن بعض المسائل المهمة مثل القيمة التي سيتم تقديمها على أساس هذه الفكرة أو الفرصة, شرائح العملاء التي سيتم تقديم هذه القيمة لهم, كيفية إقامة علاقات مع العملاء ونموذج الإيرادات الذي يجب العمل معه. من المهم إعداد نموذج العمل, وخاصة عندما يكون مستوى الشك مرتفعًا. نموذج العمل هو وصف موجز لكيفية إنشاء الأعمال للقيمة وكيفية تقديم هذه القيمة للعميل وتوليد الإيرادات. كما هو موضح بالتفصيل في الفصل الرابع ضمن نطاق نموذج العمل, يتم التخطيط للأنشطة التي يتعين القيام بها في تسعة مجالات أساسية لفكرة العمل.
خطط العمل هي مستندات أكثر شمولاً من نماذج العمل. من الناحية العملية يُنظر إلى أن خطط العمل يتم إعدادها خاصة في بداية المشاريع الكبيرة الحجم حيث يكون حجم الاستثمار المخطط له مرتفعًا, أو للعثور على استثمار لفكرة العمل في مؤسسة عامة أو خاصة.
على الرغم من أن محتوى الخطة ليس معياريًا, إلا أنه يتم تضمين دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية والمالية المتعلقة بالعمل المخطط بطريقة شاملة. بعد الانتهاء من هذه الدراسات يمكن القول أن هيكل العمل المخطط له يصبح أكثر وضوحًا وأن العمل أكثر نجاحًا. يذكر في الأبحاث أن معدل فشل الشركات التي يتم تأسيسها مع خطة العمل أقل بكثير من الآخرين (Barrow, 2004). من خلال إعداد خطة عمل ما قبل التشغيل, تتاح للشركة فرصة رؤية الصعوبات المحتملة على الورق, بالإضافة إلى إجراء حسابات حول المسائل الرئيسية مثل كمية الطلب, مقدار رأس المال المطلوب وما إلى ذلك.
يختلف محتوى خطط العمل حسب الجمهور الذي سيتم تقديمه له والغرض من الإعداد, لذلك لا يوجد محتوى قياسي. على سبيل المثال تعلن المؤسسات العامة ومؤسسات الاستثمار التمويلي ومراكز الاحتضان والبنوك مقدمًا عن شكل خطة العمل الذي يريدونه من رواد الأعمال الذين سيتقدمون بطلب للاستثمار. يقوم رواد الأعمال الذين سيطلبون الاستثمار من هذه المؤسسات أيضًا بإعداد خطة عمل مناسبة لهذا الشكل.
- البحث عن الموارد والتأسيس
في الخطوة التالية بعد توضيح خطة العمل, يجب على رائد الأعمال أن يبدأ أنشطته من خلال جمع الموارد اللازمة. تتكون هذه الموارد بشكل عام من الموارد البشرية ورأس المال ووسائل الإنتاج. اعتمادًا على التطورات في خطة العمل, يجب على صاحب المشروع أن يجمع رأس المال المطلوب, الكفاءات المحددة من الأفراد, الآلات والمعدات والمرافق اللازمة لإنتاج وتسويق المنتج / الخدمة بشكل متناغم مع بعضه.
من بين هذه الموارد, المورد الذي يلعب أهم دور في النجاح هو الموارد البشرية. غالبًا ما يبدأ رائد الأعمال رحلته الريادية مع فريق وليس بمفرده, وغالبًا ما يعتمد نجاح رائد الأعمال في هذه الرحلة على قدرة الفريق على أداء وظائفه بشكل جيد. لهذا السبب كلما كان بإمكان رائد الأعمال إنشاء فريق أكثر كفاءة وجهود وخبرة, كلما زادت احتمالية نجاحه. في الواقع سيكون الوصول إلى مورد رأس المال الذي يأتي في المرتبة الثانية أسهل, لا سيما أن المسألة الأولى التي يدرسها مديرو صناديق ريادة الأعمال الخاصة (مستثمرون ممولون، إلخ) في مؤسسة ليست فكرة العمل أو المنتج وما إلى ذلك, وإنما صاحب المشروع والفريق الذي أنشأه. إذا كان الفريق جيدًا فهذا يزيد من احتمالية قيامهم بالاستثمار ضمن خطة العمل الموضوعة.
المورد الثاني المهم الذي يجب أن يجده رواد الأعمال هو رأس المال. إذا تم توفير جميع رأس المال المطلوب من قبل صاحب المشروع نفسه, فلا داعي للبحث عن الموارد. ومع ذلك عندما ننظر إلى شركات اليوم نرى أن عدد الأعمال التجارية مع أكثر من شريك مرتفع للغاية, لذلك لابد لرائد الأعمال من العثور على رأس المال اللازم من المصادر التالية خلال مرحلة التأسيس:
- رأس المال السهمي أو المملوك
- الأصدقاء والعائلة
- المستثمرون الممولون
- الاعتمادات المصرفية
- الأموال العامة
يشير رأس المال السهمي أو المملوك إلى المشروع الذي ينشأه صاحبه بمدخراته الخاصة, وإذا لم تكن هذه المدخرات كافية فيجب عليه الحصول على الموارد المالية اللازمة من مصادر خارجية. تعد مرحلة بدء المشروع هي الأصعب في زيادة رأس المال بسبب المخاطر العالية, ولهذا السبب تصبح جودة ومدى إقناع خطة العمل المعدة أمرًا مهمًا. إذا كان بإمكان رائد الأعمال الحصول على رأس المال هذا من أفراد الأسرة والأصدقاء في دائرته القريبة, فلن يتم استخدام البدائل الأخرى بشكل عام. بالطبع يختلف مقدار رأس المال الذي يمكن الحصول عليه من خلال هذا الطريق البديل من شخص لآخر.
إذا لم تكن هناك إمكانية للحصول على رأس المال من العائلة والأصدقاء أو إذا كان المبلغ غير كافٍ, فقد يكون من الممكن تقديم الدعم من المستثمرين الممولين أو اخذ قروض من البنوك أو المؤسسات العامة مثل KOSGEB و TÜBİTAK.سيتم دراسة القضايا المتعلقة بتمويل المشروع بالتفصيل في الأقسام التالية.
- النمو والخروج
لا يتم إنشاء الشركات والمشاريع من أجل الإفلاس أو الإغلاق, لهذا السبب يجب على رائد الأعمال اجتياز المرحلة التي تتطلب قدرًا كبيرًا من التدفق النقدي في أسرع وقت ممكن, كمرحلة التأسيس والانتقال إلى المرحلة التي يمكنها تمويل نفسها والحصول على إيرادات المبيعات النقدية اللازمة. لسوء الحظ يمكن لـ 40٪ فقط من المؤسسات القائمة مواصلة أنشطتها في العامين الأولين, بينما تنهي نسبة 60٪ المتبقية أنشطتها (Bessant ve Tidd 2011).
يتطلب الانتقال السريع للمؤسسة القائمة إلى مرحلة النمو استخدامًا فعالًا للموارد المالية من ناحية وتحديد الاستراتيجيات بشكل صحيح وفي الوقت المناسب من ناحية أخرى. لهذا السبب يصبح من المهم لرجل الأعمال أن يولي أهمية للابتكار وأن يطور شبكاته (العملاء, الموردين والموزعين وما إلى ذلك) والاستثمار في أعماله.
بعد مرحلة النمو السريع, يجب على صاحب المشروع الاختيار بين الاستمرار في العمل أو نقل العمل إلى شخص آخر وإنشاء مشاريع جديدة في مجالات مختلفة (استراتيجية الخروج). استمرار العمل هو قرار يتخذه معظم رواد الأعمال. في الواقع غالبًا ما لا يفكر رواد الأعمال في بيع أعمالهم التي أنشؤوها وطوروها بنجاح, ولا يوجد خطأ استراتيجي هنا. ومع ذلك قد يفضل العديد من رواد الأعمال المهتمين بالابتكار تحويل الأموال التي يحصلون عليها عن طريق بيع أعمالهم إلى مشاريع جديدة حيث يمكنهم تحقيق نمو أسرع, وخاصة بعد مرحلة النمو السريع. في هذه الإستراتيجية, والتي تسمى "استراتيجية الخروج" يوفر رائد الأعمال رأس المال المرتفع الذي تتطلبه المؤسسة من خلال بيع أعماله إلى مجموعات رأس المال الكبيرة واستخدام النقد الذي يحصل عليه من خلال الاستثمار في مجالات مختلفة.