دليل ريادة الاعمال

دليل ريادة الاعمال

إدارة عملية النمو

تمر كل شركة بمراحل حرجة بعد إنشائها. استنادًا إلى حقيقة أنه ليس كل شركة قد تستمر, فإن الفترة من بداية الشركة حتى اغلاقها تسمى حياة الشركة أو منحنى التنمية. تمتلك الشركات منحنى حياة مثل جميع الكائنات الحية في الطبيعة والهدف الأساسي للشركات هو البقاء والاستمرار. في كل مرحلة من مراحل التطوير هذه يجب على الشركة تحديد النقاط الهامة من أجل الاستمرار واتخاذ الإجراءات اللازمة ووضع الحلول. تحتوي كل مرحلة على مخاطر وفرص في حد ذاتها. طالما أن رائد الأعمال يدير المخاطر والفرص بشكل جيد, يمكن ضمان بقاء الشركة ونموها. في الجزء الأول من هذا القسم يتم شرح النقاط التي يجب على الشركة الانتباه إليها من أجل الحفاظ على نموها وكذلك اقتراحات الحلول. في الجزء الثاني يتم شرح ممارسات الشركات التي تنمو باستمرار من أجل جعل النمو دائمًا في نطاق أنشطتها.

  • تحديات النمو ومقترحات الحلول

تبدأ الشركة بالإبداع, وفي هذه المرحلة يعد إنشاء منتج و / أو خدمة و / أو سوق هو الهدف الرئيسي. يتم تطوير فكرة العمل من قبل شخص أو أشخاص تقنيين أو رجال أعمال. يقضي هؤلاء الأشخاص كل وقتهم ومواردهم وطاقتهم في إنتاج وتسويق المنتج. الاتصال بين هؤلاء الناس مكثف ومريح وغير رسمي. إذا تحقق النجاح في هذه المرحلة التي تتطلب العمل لساعات طويلة, يتم توفير الدخل أيضًا. تحدد ملاحظات ومراجعات السوق القرارات والدوافع, حيث تتحرك الشركة وفقًا لتحركات العملاء. الشركة مرنة بما يكفي للعمل وفقًا لتوقعات العملاء والسوق والصناعة. من المتوقع أن تكون هذه الشركات, التي نسميها "مشروع جديد" أو "بزرة شركة", قابلة للتكيف ومرنة ومبتكرة, ولكن مع نجاح الأعمال وزيادة المبيعات وبدء النمو, يمكن أن تتحول كل هذه الميزات والأنشطة إلى مشاكل. المشكلة في هذه المرحلة تسمى "أزمة القيادة". هناك حاجة إلى مدراء محترفين لحل هذه المشكلة. يجب على رواد الأعمال الذين يرغبون في التغلب على أزمة القيادة البدء في تعيين مدراء محترفين, حيثن أنهم ضروريون للحفاظ على الشركة وإدارتها. ومع ذلك, لا يرغب العديد من رواد الأعمال في تضمين مدراء محترفين في شركاتهم, لأنه يمكنهم رؤية المدير المحترف على أنه منافس لهم, فهم إما لا يعينون مدراء محترفين مطلقًا أو حتى إذا فعلوا ذلك, فيقومون بمنعهم من القيام بدور نشط حتى لا يظلوا في الخلف. إذا كان المؤسس (المؤسسون) على استعداد لإشراك مدير محترف في الإدارة, فيمكن للشركة الانتقال إلى المرحلة التالية, والتي هي مرحلة التوجيه. في هذه المرحلة يتم إنشاء هيكل تنظيمي رسمي ويبدأ إنشاء العديد من الأنظمة التنظيمية, كأنظمة المحاسبة, الإنتاج, الموارد البشرية, الابتكار, المشتريات والتسويق. مع تشكيل المستويات الهرمية يبدأ الاتصال في أن يصبح رسميًا ومؤسسيًا, ومع نمو الشركة يتم اعتماد هيكل أكثر مركزية. هذا أيضًا يمثل مشكلة إذا أصبحت المؤسسة مفرطة في المركزية. مشكلة هذه المرحلة إذن هي أزمة الحكم الذاتي. مع تحول السلطة إلى مستويات أدنى, يجب إعطاء سلطة اتخاذ القرار إلى المستويات الأدنى, وفي هذه المرحلة إذا أمكن تجنب الهيكل المركزي وتم توزيع سلطة اتخاذ القرار التي نطلق عليها اللامركزية على جميع الموظفين, يمكن للشركة الانتقال إلى المرحلة الثالثة, والتي هي مرحلة تفويض السلطة. تتطلب هذه المرحلة مزيدًا من الصلاحيات الممنوحة للمدراء. تبدأ الشركة الآن في التعاون وعمليات الدمج والاستحواذ مع شركات أخرى من أجل النمو ويصبح التواصل مع الإدارة العليا نادرًا ومكتوبًا بشكل عام. ستكون حلول الإدارة في المرحلة السابقة مفيدة لفترة من الوقت, ولكن هناك حاجة إلى حلول جديدة في هذه المرحلة. المشكلة في هذه المرحلة هي أزمة السيطرة, حيث أنه في هذه المرحلة قد يعتقد كبار المدراء أنهم فقدوا سيطرتهم على عمليات الشركة, لذلك قد يميلون إلى الحكم من خلال نهج وسطي. يمكن أن يكون لمثل هذا الاتجاه عواقب هامة للشركة التي نمت بهذا الحجم. يمكن أن تشكل إدارة مثل هذه الشركة النامية بهيكل مركزي تهديدًا لاستمرارها, ولذلك حل أزمة السيطرة في هذه المرحلة هو التنسيق. يمكن تعريف المرحلة الرابعة, مرحلة التنسيق, على أنها تطوير واستخدام الأنظمة الرسمية لضمان تنسيق أكثر كفاءة, حيث أن وضع إجراءات تخطيط رسمية, توظيف المزيد من الموظفين, اعتبار كل مجموعة منتجات كمركز استثمار, وتخطيط الإدارة المالية وفقًا لذلك هي خصائص هذه المرحلة. وبالتالي يمكن للشركة توزيع مواردها المحدودة بشكل أكثر فعالية وكفاءة. أزمة هذه المرحلة أيضًا هي أزمة البيروقراطية الناجمة عن تشكيل عدد كبير جدًا من الأنظمة البيروقراطية داخل الشركة. العَرَض الأول هو أن الابتكار آخذ في التدهور لأن البيروقراطية تؤخر تطوير وتنفيذ الابتكارات. الحل للتغلب على هذه الأزمة هو عمليات وآليات تعاون قوية يتم إنشاؤها بين الأفراد. المرحلة الخامسة والأخيرة هي مرحلة التعاون, ففي هذه المرحلة يمكن تحقيق السرعة والمسار الطبيعي في الإدارة من خلال انشاء الفِرَق, حيث تحل الرقابة الاجتماعية والانضباط الذاتي محل السيطرة الرسمية. تتطلب هذه المرحلة اتباع نهج أكثر مرونة وسلوكية في الإدارة. تعد الفرق أمرًا حيويًا في حل المشكلات والتعامل مع الوظائف المتخصصة. يصبح الهيكل مرنًا مما يسمح للفرق متعددة التخصصات بالتشكل والعمل معًا. يتم توفير التدريب للموظفين والمدراء, ويجب تشجيع الممارسات المبتكرة والتجربة والخطأ عبر المؤسسة. المراحل الموضحة هنا بإيجاز ومتطلبات كل مرحلة هي أدلة مهمة من شأنها زيادة وعي المدراء في الشركات المتنامية. إذا كان المدير على علم بمرحلة عمله, فيمكنه إيجاد المشاكل والحلول لكل مرحلة ((Greiner,1998

  • إدارة النمو

من المهم للشركات سريعة النمو أن تكون قادرة على إدارة العملية بأكملها من أجل الحفاظ على هذا النمو. على الرغم من الإشارة إلى أن العديد من الشركات الصغيرة والجديدة لا تقوم بالتخطيط ((Miller, 1983, إلا أنه يُزعم أن القدرة على التخطيط مرتبطة بالأداء الأفضل في هذه الشركات ((Birley & Westhead, 1990. يوصى باستخدام التخطيط الاستراتيجي في جميع الشركات بغض النظر عن حجمها  (Kargar 1996)

مع نمو الشركة فإن المجال الذي يجب على الإدارة الانتباه إليه هو إدارة الموارد البشرية, حيث أن التأثير الإيجابي لإدارة الموارد البشرية على أداء الشركة معروف ((Lussier & Pfeifer, 2001. بشكل عام يولي أصحاب الشركات الصغيرة أهمية أقل للموارد البشرية من التمويل والإنتاج ((Deshpande & Golhar, 1994. حيث أن الشغل الشاغل لمدير الشركات الصغيرة في سياق الموارد البشرية هو التوظيف والتعويض والمكافأة ((Cardon ve Stevens, 2004. لتحقيق النجاح يجب أن تتمتع الشركات الصغيرة بخصائص جذب القوى العاملة الماهرة والاحتفاظ بها ((Barringer et al. 2005، تختلف ممارسات الموارد البشرية في الشركات الصغيرة والكبيرة, لذلك من الطبيعي أن يكون للشركات الصغيرة والجديدة ممارسات موارد بشرية أبسط وأصغر وألا يكون لديها قسم منفصل للموارد البشرية, وأن تكون هذه الممارسات يؤديها المدير ((Cardon & Stevens, 2004. يجب أن تعمل الشركات التي ترغب في جعل نموها دائمًا على إيجاد الموظفين المؤهلين والاحتفاظ بهم, بالإضافة إلى ذلك فإن الموارد البشرية التي تتطلبها الشركة خلال مراحل النمو قد تتغير من حيث الجودة والكمية ( (Thakur, 1999. من أجل إدارة مرحلة النمو بنجاح, من المهم أن يخطط رائد الأعمال للموارد البشرية مسبقًا. في المقام الأول تحتاج الشركة إلى موظفين ذوي كفاءات فنية, بينما يمكن أن تتحول هذه الحاجة إلى موظفين لديهم معرفة وخبرة أكثر تحديدًا في مرحلة النمو (Cardon, 2003). عند اختيار الموظفين يجب الانتباه إلى الملاءمة الثقافية للمرشح وكذلك الخصائص المحددة في الوصف الوظيفي. يجب أن تولي الشركات الصغيرة أهمية للتعويضات وخاصة الحوافز من أجل الاحتفاظ بموظفيها ((Deshpande & Golhar, 1994. يمكن للشركات النامية أيضًا أن تجعل النمو دائمًا من خلال تقديم الحوافز المالية وفرص التدريب والتطوير الذاتي لموظفيها. في هذه المرحلة من المهم أيضًا تشجيع الموظفين الذين يساهمون في نمو الشركة من خلال سياسات المكافآت ((Barringer et al. 2005.

يجب أن تعطي الشركات التي تريد نموًا دائمًا أهمية لأنشطة البحث والتطوير, حيث إن إعطاء أهمية لهذه الأنشطة البحث سيمكن الشركات الصغيرة من تقديم منتجات مختلفة والمنافسة في السوق ((Siegel et al. 1993. بالإضافة إلى ذلك مع أنشطة البحث والتطوير ستكون المؤسسة الجديدة قادرة على تطوير تكنولوجيا جديدة بالإضافة إلى تحسين كفاءاتها التكنولوجية ((Lee et al. 2001. باختصار  تلعب أنشطة البحث والتطوير دورًا حيويًا في نمو الشركات الجديدة والصغيرة. بالنظر إلى قدرات الإنتاج, يتبين أن الجودة والتسليم والمرونة والتكاليف هي أهم المعايير التي تؤثر على نجاح الشركات الصغيرة. توفر المرونة في الإنتاج بشكل خاص ميزة تنافسية للشركات الصغيرة. يمكن تعريف المرونة على أنها تكيف الشركة مع التغيرات في بيئتها بأقل تكلفة. يجب على الشركات الحرص على عدم فقدان هيكلها الحساس في الإنتاج أثناء النمو. بالنظر إلى القدرة الشرائية, فإن عدد ونوعية الموردين الذين تعمل معهم الشركات الصغيرة له أهمية كبيرة, حيث أن الشركات الصغيرة الناجحة قادرة على بناء علاقات وثيقة مع مورديها مما يؤثر بشكل إيجابي على أدائها, ومع نمو الشركات فهي تحتاج إلى إعطاء أهمية لإدارة سلسلة التوريد ((Chang, Yang, Cheng, & Sheu., 2003.

عند النظر إلى القدرة المالية, وُجد أن الشركات الصغيرة التي يمكنها العثور على مصادر خارجية واستخدامها خلال مرحلة النمو تكون أكثر نجاحًا ((Birley & Westhead, 1990. لكي تنمو, يجب أن تقوم الشركات الصغيرة بالاستثمار, وتأتي الموارد المالية للاستثمار في الشركات الصغيرة من المؤسس أو من مصادر خارجية. الموارد المالية للمؤسس محدودة, لذلك فإن الشركات التي تستثمر فقط بمواردها الخاصة قد يكون لديها فرصة أقل لاغتنام الفرص في السوق. إذا أرادت الشركات الصغيرة النمو فعليها الاستفادة من الموارد الخارجية مثل البنوك والمستثمرين والإعانات الحكومية ((Barkham et al. 1996).

عامل مهم آخر في إدارة النمو هو الأنشطة التسويقية, حيث مع نمو الشركة تبدأ في الابتعاد عن المؤسس والسوق والعميل. لهذا السبب تحتاج الشركات الجديدة في عملية النمو إلى تخصيص الوقت والموارد بشكل خاص لأبحاث السوق. من المهم للنمو الدائم أن يقوم المؤسسون بالاهتمام بجمع المعلومات حول السوق بانتظام واستخدام هذه المعلومات في عمليات صنع القرار. بالإضافة إلى ذلك يجب أن تحاول الشركة المتنامية العثور على عملاء وأسواق جديدة بالإضافة إلى العملاء الحاليين. يعد وضع الإعلانات في مجلات القطاع والمشاركة في المعارض القطاعية من الأنشطة التي يمكن أن تساعد الشركات في هذا الصدد ((Barkham et al. 1996. يجب على الشركات التي تهدف إلى الحفاظ على نمو ثابت أن تولي اهتمام أيضًا لقنوات التسعير والتوزيع الخاصة بها. إن اتباع سياسات أسعار المنافسين وتطبيق سياسات التسعير التنافسي سيدعم النمو السليم. أهم ميزة لكون الشركة جديدة وصغيرة هي إقامة علاقات وثيقة مع الشركات في شبكة التوزيع. يعطي رواد الشركات الناجحة أهمية لقنوات التوزيع ويمكنهم الوصول إلى الشركات التي ستوزع منتجاتهم متى احتاجوا ((Vorhies & Harker, 2000. باختصار يولي مؤسسو الشركات الجديدة والصغيرة الناجحة الأهمية اللازمة للتسويق.

يعد الهيكل التنظيمي العضوي ضروريًا للنجاح, حيث تعمل الشركات الصغيرة والجديدة غالبًا في بيئة ديناميكية وتنافسية. من أجل جعل النمو دائمًا, من المهم لرائد الأعمال مواءمة الهيكل الداخلي مع النمو. باعتبار أن التخصص يوفر المعرفة في مجال معين, فإنه يساهم بشكل إيجابي في نمو الشركات الجديدة. من المهم أن يقوم المدير بعمل توصيفات وظيفية جيدة في الشركة وتحديد من سيقوم بالوظائف. قد لا يكون هذا التخصص في الأيام الأولى من العمل ضروريًا لأن العمل الذي يتعين القيام به محدود ويمكن القول أن كل شخص لديه ما يكفي من الخبرة والوقت والمعرفة لتأدية الوظائف. ولكن مع بدء النمو وظهور تحديات جديدة, ستظهر وظائف ومهام جديدة داخل الشركة, ولهذا السبب يصبح التخصص مهمًا. مع التخصص سيتم التأكد من أن الموظفين يجمعون معلومات حول وظائفهم من المحيط الخارجي, وبالتالي سيكون من الممكن تحديد الفرص في الخارج والاستفادة منها وسيسمح هذا بزيادة المبيعات. مع التخصص سيزداد التخطيط وستتم إدارة عملية النمو بشكل أفضل. في مرحلة النمو, من المهم أيضًا أن تكون آليات اتخاذ القرار وتدفق المعلومات مرنة ولا تتطور إلى هيكل التحكم ( (Kazanjian & Drazin, 1990.لا ينبغي أن يكون صنع القرار مركزياً, ولكن يجب أن يوفر أيضًا لرائد الأعمال فرصة للتحكم حتى يمكن إدارة عملية النمو بشكل صحيح (Gilbert, McDougall, & Audretsch, 2006). بغض النظر عن حجم نمو الشركة, يجب أن تحرص على حماية الثقافة التنظيمية لريادة الأعمال, حيث تؤثر هذه الثقافة بشكل إيجابي على الأداء من خلال تعزيز الأفكار والإبداع والتجربة والخطأ (Stevenson & Jarillo, 1990).