دليل ريادة الاعمال

دليل ريادة الاعمال

إضفاء الطابع الرسمي التصنيف والمشاركة في صنع القرار

  1. إضفاء الطابع الرسمي, تقسيم المهام والمشاركة في صنع القرار

أدت التطورات التكنولوجية, التي تم دمجها مع الإنتاج, والثورة الصناعية إلى زيادة كبيرة جدًا في الإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك ومع قبول أن الشركاء في المشروع لديهم "مسؤوليات محدودة" لدائني المشروع, ازداد كل من عدد المشاريع المنشأة ورأس المال المستثمر في المشاريع بشكل كبير, وقد انعكس هذا أيضًا على حجم الإنتاج وبالتالي على الموظفين. تم اعتماد مبادئ الإدارة البيروقراطية بحيث لا تتعارض الزيادة في حجم الانتاج مع هدف الكفاءة, وأساس هذه المبادئ هو إضفاء الطابع الرسمي, تقسيم المهام وفقًا للأسس العقلانية واللامركزية في صنع القرار.

  • تعريف إضفاء الطابع الرسمي وأهميته

إضفاء الطابع الرسمي يشير إلى الدرجة التي يتم بها تحديد القواعد والأدوار في المؤسسة وتعريفها بوضوح وبشكل مستقل عن الخصائص والعلاقات الشخصية للأفراد في المؤسسة. يتم إنشاء القواعد في المؤسسة لمنحهم جودة يمكن التنبؤ بها من خلال التحكم في السلوك. مع وجود القواعد والامتثال لها, يصبح السلوك في المؤسسة مستقرًا ويختفي التعسف ويتم تلبية التوقعات. وكذلك فإن دور خبرة حوسبة المؤسسات والمحاسبة وهندسة التصنيع, وما إلى ذلك تُظهر توقعات لسلوك الأفراد الذين يشغلون مناصب اجتماعية في المؤسسة. يمتلك الموظفون الذين يراقبون العلاقات بين هذه الأدوار فهمًا واضحًا لهيكل المؤسسة وسير العمل ويمكنهم التدخل حسب الحاجة. (Scott and Davis, 2007).

المؤشرات النموذجية لإضفاء الطابع الرسمي هي وجود سياسات مكتوبة وكتيبات وأوصاف وظيفية ومخططات تنظيمية. تظهر الأبحاث أن الإفراط في إضفاء الطابع الرسمي يميل إلى تثبيط الابتكار في المؤسسة وقمع التواصل (Hatch, 2018). من ناحية أخرى, لإضفاء الطابع الرسمي مزايا مختلفة. أولاً يرغب الكثير من الناس في معرفة ما هو متوقع منهم ومعرفة صلاحياتهم في مكان العمل, حيث تساعد القواعد والأدوار المحددة والمطبقة بوضوح على توضيح الأمور للناس في هذا الصدد. ثانيًا, تصبح القواعد والأدوار أدوات منخفضة التكلفة للتنسيق بين الموظفين في المؤسسة بمجرد تطبيقها, بدلاً من تعيين موظفين تنسيق متخصصين أو عقد "اجتماعات لا نهاية لها". ثالثًا, إضفاء الطابع الرسمي يسهل التحكم في التكاليف عبر المؤسسة. رابعًا, يعد إضفاء الطابع الرسمي أداة تحكم فعالة عندما تكون مستويات الخبرة والمهارة لدى الموظفين منخفضة. وأخيرًا يوفر إضفاء الطابع الرسمي مقارنةً بالإشراف المباشر راحة كبيرة في الإشراف على الموظفين في المؤسسات الكبيرة. (Child, 2015).

  • تعريف وأهمية تقسيم المهام

التقسيم هو تجميع المراكز في المؤسسة في وحدات منفصلة. أمام المدراء عدة خيارات حول كيفية تجميع الأشخاص أثناء قيامهم بوظائفهم ((Daft & Marcic, 2009. هناك أربعة طرق مهمة للتقسيم تؤدي إلى هياكل تنظيمية مختلفة: هياكل بسيطة, وظيفية, متعددة الأجزاء ومصفوفة.

  • الهيكل البسيط

في المؤسسات الصغيرة يفضل الهيكل البسيط بأقسام عمل محدودة, وتقريباً بلا تسلسل هرمي وتكون جميع القرارات تتخذها الإدارة العليا. يحد الصغر من تخصص الموظف لأن الجميع يجب أن يتقاسموا مسؤولية تنفيذ المهام حسب الحاجة. الهيكل البسيط هو نموذجي للشركات الناشئة الصغيرة أو الشركات الناشئة ذات إمكانات النمو المنخفضة, مثل المطاعم ومحلات البقالة والجزارين في الأحياء (Hatch, 2018). تتمثل أهم مزايا الهيكل البسيط في القدرة على اتخاذ قرارات سريعة وتنفيذها, المرونة, انخفاض تكلفة الصيانة والوضوح في مساءلة الموظفين. يعد عدم الكفاية والاعتماد المفرط على الأفراد مع نمو المبادرة من أهم نقاط الضعف في الهيكل البسيط ((Robbins & Coulter, 2019.

  • الهيكل الوظيفي

تسمى مجموعة الأشخاص الذين لديهم مهارات متماثلة أو يستخدمون أنواعًا متشابهة من المعلومات أو الأدوات أو التقنيات للقيام بعملهم ويعملون معًا بالهيكل الوظيفي. يشمل الهيكل الوظيفي جميع الوحدات التي تحتاجها المؤسسة لإنتاج سلع أو خدمات ( (Jones & George, 2016. الشكل التالي يوضع الهيكل الوظيفي لمؤسسة تصنيع متوسطة الحجم أدناه كمثال.

للهيكل الوظيفي مزايا مهمة. أولاً, يسمح بإنجاز العمل من قبل خبراء مؤهلين وبالتالي تقليل الأخطاء وزيادة الإنتاجية. ثانيًا, ونظرًا لأن الجميع سيكونون مشغولين بالوظيفة في مجال خبرتهم, فلا يوجد خطر من إنجاز المهمة مرارًا وتكرارًا من قبل أكثر من شخص واحد وبالتالي يتم تخفيض التكاليف. ثالثًا, سيكون التواصل والتنسيق أسهل لمديري الأقسام حيث سيكون لدى الموظفين في نفس القسم خبرة عمل أو تدريب متشابه. في نفس الوقت الهيكل الوظيفي له بعض نقاط الضعف. أولاً, قد يكون التنسيق والتواصل بين الإدارات صعبًا لأن مديري الإدارات والموظفين قد يكونون أكثر اهتمامًا بفعل ما هو مناسب لوظائفهم بدلاً من القيام بما هو صحيح للمؤسسة بأكملها. بالإضافة إلى ذلك ومع نمو المؤسسة, يمكن أن يؤدي الهيكل الوظيفي إلى اتخاذ القرارات بشكل أبطأ ووجود المدراء والموظفين ذوي الخبرات المحدودة ((Williams, 2017.

  • الهيكل متعدد الأقسام

عندما يتعلق الأمر بتقديم أنواع مختلفة من المنتجات, أو التركيز على أنواع مختلفة من العملاء أو الإنتاج والبيع في مناطق جغرافية مختلفة فإن الشركات تحل مشاكل التحكم بوجودو الهيكل متعدد الأقسام. حيث يقوم الهيكل متعدد الأقسام بتجميع الأعمال وفقًا للمتطلبات المحددة للمنتج أو المنطقة أو العملاء, وتسمى كل مجموعة وحدة الأعمال الاستراتيجية (SBU). السبب الرئيسي لاعتماد الهيكل متعدد الأقسام هو إنشاء وحدات أصغر وأكثر قابلية للإدارة داخل المؤسسة. يعتمد نوع الهيكل متعدد الأقسام الذي سيتم اختياره على مشكلة التحكم. فإذا كانت مشكلة التحكم بسبب عدد أنواع المنتجات وتعقيدها, أو إذا كانت المنتجات تعتمد على عدد المناطق الجغرافية التي تقدم المؤسسة فيها منتجاتها وتبيعها, أو إذا كانت هناك حاجة إلى خدمة عدد كبير من مجموعات العملاء المختلفة فإن الهيكل متعدد الأقسام الذي يركز على العميل هو المفضل (Jones, 2013).

للهيكل متعدد الأقسام العديد من المزايا. أولاً,  يسمح التخصص بمزيد من التركيز على الأعمال التي تديرها كل وحدة, بحيث تتم تلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل من الهيكل الوظيفي. ثانياً, الهيكل متعدد الأقسام يساعد على المساءلة على أساس أرباح كل وحدة أعمال استراتيجية, بحيث يمكن استخدام ربحية كل وحدة أعمال لمقارنتها مع كل من الوحدات والمنافسين الآخرين. ثالثًا, الهيكل متعدد الأقسام متفوق على الهيكل الوظيفي في مجال تدريب كبار المدراء في المستقبل. يتمتع كبار المدراء في مركز المؤسسة بخبرة واسعة لا يمكن الحصول عليها في شركة ذات هيكل وظيفي, وبمرور الوقت سيكون لدى كل مدير SBU نفس المنظور ومسؤوليات مديره. (Hatch, 2018).

تتمثل أول نقطة ضعف في الهيكل متعدد الأقسام بأنه بشكل عام توجد نفس الوحدات الوظيفية في كل SUB ويتكرر هذا الموقف في وحدات مختلفة, وهذا غالبا ما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف. نقطة الضعف الثانية هي أنه من الصعب ضمان التنسيق بين مختلف وحدات إدارة الأعمال. قد تواجه المبادرات صعوبة في توحيد السياسات والإجراءات في مختلف وحدات إدارة الأعمال (William, 2017). أما نقطة الضعف الثالثة هي أن الانتقال من الهيكل الوظيفي إلى الهيكل متعدد الأقسام يضيف خطوة أخرى إلى التسلسل الهرمي, وبالتالي يؤدي الى زيادة الأعمال الورقية وضرورة الحصول على موافقة من مدير المبادرة من أجل القرارات التي قد تؤثر على وحدة إدارة الأعمال أو على المؤسسة بأكملها مما يبطئ اتخاذ القرار. نقطة الضعف الأخيرة هي حالة التوتر المحتملة بين الوحدات, حيث أن كل وحدة عمل هي مركز ربح وخسارة مستقل. يجب على وحدات إدارة الأعمال أيضًا مشاركة إدارتها ومهاراتها التي طورتها لنجاح المؤسسة أثناء التنافس مع بعضها البعض من أجل الحصول على المزيد من الأسهم من موارد المشروع. الحصول على هذا التوازن ليس بالأمر السهل ( (Rothaermel, 2016

  • الهيكل المصفوفي

في بعض الأحيان قد يحتاج هيكل المؤسسة إلى التركيز على الوظيفة / المنتج أو العميل أو المنطقة في نفس الوقت. يوفر الهيكل المصفوفي الفرصة لتنفيذ الهياكل الوظيفية والمتعددة الأقسام معًا. مدراء الوظائف / المنتجات أو المدراء الإقليميين لديهم سلطة متساوية داخل المؤسسة ويتبع الموظفون لكلا المديرين ويقدمون تقاريرهم لهما ( (Daft and Marcic, 2019

الهيكل المصفوفي له ميزتان هامتان؛ الميزة الأولى هي أنه من الضروري فقط تعيين مدير للمشروع واختيار أعضاء فريق المشروع لبدء مشروع جديد, وبالتالي فإن الهيكل المصفوفي مرن للغاية. ولكن عند بدء مشاريع جديدة في الهياكل الوظيفية ومتعددة الأقسام, من الضروري إما تعيين مسؤوليات جديدة للوظائف أو إنشاء أقسام جديدة. الميزة الثانية هي الاستفادة بشكل أكبر من قدرات الموظفين في المؤسسة, حيث يكون للموظفين في الهيكل المصفوفي مسؤوليات متعلقة بالمنتج أو العميل أو المنطقة بالإضافة إلى مسؤولياتهم الوظيفية, وبالتالي سيكونون قادرين على المساهمة بشكل أكبر في المبادرة ((Hatch, 2018. تتمثل أكبر نقطة ضعف في الهيكل المصفوفي في كون الموظف مسؤولاً أمام كل من مدير الوظائف / المنتجات أو مدير المناطق أو العملاء في نفس الوقت, وهذا يمكن أن يسبب ارتباكًا زمنيًا ويزيد من مستوى الإجهاد لدى بعض الموظفين ( (Williams, 2017

  • المشاركة في صنع القرار وأهمية هذه المشاركة

صنع القرار يعني اتخاذ خيار أو الاختيار بين خيارات متعددة. يتم اتخاذ القرارات في المبادرات كنتيجة لمراحل تحديد الأهداف والمشكلات, دراسة الأهداف أو المشكلات, تحديد الأولويات, تحديد الخيارات, تقييم الخيارات, تحديد معايير الاختيار واتخاذ الخيارات. (Kocel, 2018).

إن ضمان مشاركة الموظفين في كل مرحلة من مراحل عملية صنع القرار يزيد من احتمالية نجاح العملية لأن المشاركة توفر للأفراد فرصة للتعبير عن مشاعرهم وتزيد من جودة العملية والتزام الموظفين بالقرار النهائي (Robbins & Coulter, 2018). بالإضافة إلى ذلك, فإن إتاحة الفرصة للأفراد للتعبير عن مشاعرهم يقلل من إجهادهم ويزيد من كفاءتهم. أكثر العوامل التي تؤثر على جودة عملية صنع القرار هي التحيزات الفردية. وفقًا للأبحاث فإن التحيزات الأكثر شيوعًا هي تجاهل المعلومات التي تتعارض مع الأفكار, تصور أنه من المرجح كثيرا وقوع أحداث مثيرة ومذهلة للغاية, تقييم المعلومات الأولى المكتسبة بشكل أعلى بكثير من المعلومات اللاحقة, الثقة في الانطباع الأول أعلى بكثير مما يجب أن يكون, احتمال الفشل والنجاح أعلى بكثير من احتمال الفشل (Stillman, 2016). يمكن تقليل كل هذه التحيزات من خلال المشاركة بأكبر قدر ممكن في عملية صنع القرار.

خاصة وإن مرحلة تحديد الخيارات هي المرحلة التي تشتد فيها الحاجة إلى الأفكار الجديدة, فإن التقنية الأكثر استخدامًا في هذه المرحلة هي "تقنية العصف الذهني". تتمثل الخطوة الأولى في تقنية العصف الذهني في أن يعبر أعضاء المجموعة عن أي أفكار تتبادر إلى أذهانهم حول طرق تحقيق هدف أو خيارات حل لمشكلة ما دون أي نقد أو تقييم. وبالتالي سيتم تشجيع ظهور عدد كبير من الأفكار الجديدة, وبعد وضع القائمة بهذه الطريقة يتم دراسة الأفكار الموجودة في القائمة واحدة تلو الأخرى وتحليلها وتقييمها ودمجها أو حذفها, وأخيرًا تكون هناك قائمة متفق عليها من الخيارات. (Kocel, 2018).